الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

من القدس إلى كلب الروم.. الجواب ما تراه دون أن تسمعه

نشر بتاريخ: 24/03/2018 ( آخر تحديث: 24/03/2018 الساعة: 14:06 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

دخلت الولايات المتحدة الأمريكية مرحلة التوحش ضد شعوب العالم، بعد ان أنهكت الأنظمة المغفلة بالديون والوعود والسلاح والحروب. وقد ساعدها دونالد ترامب ان تصل الى هدفها بسرعة (محارية العالم كله من أجل نهب خيراته وثرواته الطبيعية والسياسية والنقدية). حتى باتت المعركة ضد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إجبارية وليست إختيارية. وهنا ينقسم العالم الى قسمين:
- قسم وجد نفسه قد دخل المعركة مبكرا لأنه لا يملك أي خيار اّخر.
- وقسم اّخر وهو " القسم المغفل" بدأ بمجاراة " جنون" ترامب في محاولة بائسة منه لتأجيل المعركة، فبدأ يسلم ترامب ثرواته وأمواله وكنوز شعوبه بدون قتال.
ان ما يحدث اليوم مع الفلسطينيين ليس إختياريا، وأقول ذلك حتى لا يعتقدن أحد بأن بالامكان قبول شروط الاستسلام التي اعلنها ترامب (التنازل عن القدس - التنازل عن الكرامة- التنازل عن الاماكن الدينية- التنازل عن غور الاردن- القبول بالمستوطنات- التنازل عن حق العودة) مقابل شبكة مجاري وبعض تذاكر السفر للمسؤولين الى واشنطن وشق طرق سريعة للمستوطنين.
حين بدأ  اّدولف هتلر باحتلال العالم، إعتقدت الدول حينها أن المعركة اختيارية، فمنها من قام بتسليم مفاتيح العاصمة وخرج لاستقبال الغزاة بالورود مثلما فعلت التشيك حين خرج أهل براغ يستقبلون هتلر بالورود (هم الان مع اسرائيل وترامب أيضا). ومنها من قاتل مثل فرنسا وبريطانيا والشعوب الاخرى. ولكن وبعد سنوات فقط وجد العالم كلّه أن الحرب ليست إختيارية وإنما مسألة بقاء. فتراجع الاتحاد السوفييتي عن موقفه الباهت السلبي تجاه هتلر، ودخلت روسيا الحرب ضد ألمانيا بعدما تعرّضت للغزو هي أيضا.. وهكذا.
لقد كتب على الشعب الفلسطيني أن يقاتل ضد أقوى وأعظم الامبراطوريات في العصر الحديث. حين هرب مصطفى اتاتورك وترك فلسطين والعالم العربي فريسة للاستعمار البريطاني الفرنسي، كانت فلسطين تحارب من أجل لقمة العيش وضد الموت جوعا في عهد الامبراطورية التركية وقد تركها الاتراك بلا جامعات ولا مدارس ولا مؤسسات دولة ولم يبق لها سوى الشعير والأرض البور ومئات المخاتير والعسس، ثم وقبل أن تنتهي الحرب العالمية الأولى وجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة بريطانيا العظمى. وفي نفس الوقت بينما كانت تحارب أنجلترا دخلت في معركة بقاء مع الحركة الصهيونية المدججة بالسلاح ودعم المستعمرين. 
وما أن إنتهت من مواجهة الهروب التركي، دخلت في مواجهة أنجلترا والعصابات الصهيونية، وبعدها بدأت معاركها ضد الامبريالية العالمية المتمثلة في الولايات المتحدة الامريكية.
اليوم نجد إنفسنا في معركة شخصية مع الرئيس ترامب وعصابته الصهيونية التي إستولت على البيت الأبيض. بل ان دونالد ترامب لم يستطع مقاتلة الصين ولا روسيا ولا كوريا ولا الاتحاد الاوروبي ولا المكسيك ولا كوبا ولا فنزويلا.. فقرر بدء الحرب العالمية التي يقودها بمعركة مع فلسطين ومع العاصمة المحتلة القدس.
فلسطين أول دولة في العالم إعلنت التمرد ضد الطاغية ترامب، وهي مستمرة في ذلك.
امّا الدول التي ساعت لتسليم مفاتيحها لترامب.. تماما مثلما فعلت براغ مع هتلر.. فإنها لن تنجو من العواقب.. ولن تشتري بقاءها في الحكم .
ترامب جبان وخائف وجاهل، وقد بدأ حربه ضد العالم مع أصغر وأفقر دولة وهي فلسطين. ويشعر الأن بالصدمة من جسارة أهلها وقوة بأسهم.. ونحن على هذا المسار حتى اّخر فلسطيني تسري دماء الشرف فيه، وحتى يخرج من بين ظهرانينا من يكتب لترامب ما كتبه ذات يوم، الخليفة هارون لملك الروم بعد ان تنصّل من اتفاق الهدنة، حينها أخذ الخليفة هارون الرسالة وكتب لنقفور ملك الروم على ظهرها:
"من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".